القتال مع اليهود يفتح باباً للشهـادة :
والشهادة لا ينالها إلا من اصطفاه الله تعالى وخصه بهذه المنزلة العالية..وقد كانت حصيلة شهداء المسلمين في تلك الغزوة ستة عشر شهيداً (وقيل ثمانية عشر )،منهم عامر بن الأكوع الذي استشهد بعد أن لقي يهودياً فضربه بسيفه فقطع رجله ولكن سيفه رجع عليه فنَزَف فمات . فقال أسيد بن حضير : حبط عمله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" كذب من قال ذلك إن له لأجرين إنه جاهد مجاهد وإنه ليعوم في الجنة عوم الدعموص[3]". وقد استدل البعض بهذه الحادثة على جواز العمليات الاستشهادية التي يقتل فيها المجاهد نفسه بسلاحه[4]. وقد كان من خبر عامر ما رواه الشيخان وغيرهما عن سلمة بن الأكوع قال: خرجنا مع النبي r إلى خيبر فسرنا ليلاً ، فقال رجل من القوم لعامر: يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ -وكان عامر رجلاً شاعراً - فنزل يحدو بالقوم يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداءً لك ما اتقينا وثبِّت الأقدام إن لاقينا
وألقِيَنْ سكينةً علينا إنا إذا صيح بنا أبَيْنا
وبالصِّياح عَوَّلوا علينا
فقال رسول الله r :من هذا السائق ؟ قالوا: عامر بن الأكوع. قال :يرحمه الله . قال رجل من القوم : وجبت يا نبي الله ،لولا متعتنا به. وكانوا يعرفون أنه r لا يستغفر لإنسان إلا استشهد. وكان ممن حظي بالشهادة أيضاً محمود بن مسلمة الذي قاتل مع المسلمين في حصارهم للنطاة، وكان يوماً صائفاً شديد الحر، فلما اشتد الحر على محمود وعليه أداته، جلس تحت حصن ناعم يبتغي فيئه، وهو أول حصن بدأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يكن يظن محمود أن فيه أحداً من المقاتلة، إنما ظن أن فيه أثاثاً ومتاعاً، فدلّى عليه مرحب اليهودي رحىً فأصاب رأسه، فهشمت البيضة رأسه حتى سقطت جلدة جبينه على وجهه، وخرجت عينه، وأُتي به رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فرَدَّ الجلدة وعصبها بثوب فرجعت كما كانت..ولمَّا قتل مرحب بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم – جعيل بن سراقة الغفاري يبشر محمود بن مسلمة بقتل قاتله . فسُرَّ بذلك، ومات في اليوم الذي قتل فيه مرحب، بعد ثلاث من سقوط الرحى عليه .
وفي تلك الغزوة أيضاً جاء عبد حبشي يرعى غنماً في ملك عامر اليهودي فأقبل بالغنم حتى أسلم ورد الغنم لصاحبها وقاتل حتى قتل شهيداً .. وماصلى صلاة قط !! فأُتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعرض عنه فقالوا : يا رسول الله لم أعرضت عنه ؟ فقال :" إن معه الآن زوجتيه من الحور العين" وعلق ابن إسحاق على تلك الحادثة بقوله أخبرني عبد الله بن أبي نجيح أنه ذكر له أن الشهيد إذا ما أصيب تدلت له زوجتاه من الحور العين تنفضان التراب عن وجهه وتقولان: ترَّب الله وجه من ترَّبك وقتل من قتلك " .
فما بال الأمة تضن بشبابها عن المسابقة لجنات عرضها السماوات والأرض؟!..وما ضر القسام والحسيني و النمروطي و محيي الدين الشريف والأخوين عوض الله أن يصعدوا في أعراس للشهادة .. ولا أروع ؟!.
--------------------------------------------------------------------------------
: