قتال اليهود يتطلب استنفار كافة طاقات الأمة وفي جميع الظروف :
لم يكن مسير الجيش الإسلامي من المدينة إلى خيبر نزهة ممتعة أو رحلة شيِّقة، بل كان محفوفاً بالمكاره والمخاطر.. فقد خرج الجيش كما أسلفنا في شهر يونيو (حزيران)، في وقت اشتد فيه الحر وأصاب الوباء ثمار خيبر وتسبب في إصابة الصحابة بالحمَّى حتى أنهم شكوا ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم– فأمرهم بصب الماء في الشنان وتبريدها ثم صبها عليهم بين الأذانين من الأعلى للأسفل مع ذكر اسم الله ففعلوا ذلك فكأنما نشطوا من عقال .
بل إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لما نزل بخيبر أخذته الشقيقة[1] . ورغم ما أصابهم من جهد وبلاء ومشقة إلا أنهم واصلوا المسير ولم يثنهم عن ذلك شدة الجوع والعطش والمرض، بل إن النساء أبين إلا المشاركة في شرف الجهاد ضد اليهود فجئن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قبل توجهه إلى خيبر مع علمهن ببعد خيبر عن المدينة وأن جوّها موبوءاً يطلبن منه المشاركة في الحملة، وعرضن عليه أن يداوين الجرحى ويعاونّ الرجال بما استطعن من السقاية وحراسة الرحل وطبخ الطعام، فوافق رسول الله- صلى الله عليه وسلم – ورحب بهن وأخذهن معه . وبلغ عددهن عشرون امرأة وهو أكبر تجمع نسوي يجتمع في الغزو وكان منهن أم المؤمنين أم سلمة وصفية بنت عبد المطلب وأم أيمن وأم عمارة نسيبة بنت كعب.. وغيرهن. وبعد أن انتهت المعارك وفتح الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم – خيبر وجمعت الغنائم، جعل لهن قسماً منها وخصهن ببعض الحلي والثياب والخرز.
وليس بعيداً عن ذلك ما تقوم به المرأة الفلسطينية اليوم من مشاركة مباشرة في صنوف الجهاد من خروج في المظاهرات، وإلقاء للحجارة على جنود العدو، وإيواء للمجاهدين المطاردين، وبث حب الجهاد في الأجيال، والمشاركة في ترجيح كفة الإسلاميين في الانتخابات الجامعية، كل ذلك كان له الأثر الكبير في توسيع رقعة الاستنفار والمواجهة مع اليهود تهيئة ليوم النصر الموعود عليهم بإذن الله تعالى