لا عبرة بعدد اليهود وعدتهم وعتادهم ووقوف الرأي العام - المنافق - معهم :
جاء في إمتاع الأسماع للمقريزي:"كان يهود خيبر لا يظنون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزوهم لمنعتهم وحصونهم وسلاحهم وعددهم، كانوا يخرجون كل يوم عشرة آلاف مقاتل صفوفاً ثم يقولون : محمد يغزونا؟؟ هيهات هيهات : وكانوا يقومون كل ليلة قبل الفجر فيلبسون السلاح ويصفون الكتائب " وكان من كان بالمدينة من اليهود يقولون حين تجهز النبي- صلى الله عليه وسلم – إلى خيبر : ما أمنع والله خيبر منكم ! لو رأيتم خيبر وحصونها ورجالها لرجعتم قبل أن تصلوا إليهم؛ حصون شامخات في ذرى الجبال، والماء فيها واتن[1]، إن بخيبر لألف دارع[2]، ما كانت أسدٌ وغطفان يمتنعون من العرب قاطبةً إلا بهم فأنتم تطيقون خيبر ؟! .
وكان رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول قد أرسل إلى يهود خيبر :" أن محمداً قصد قصدكم وتوجه إليكم فخذوا حذركم ولا تخافوا منه فإن عددكم وعدتكم كثيرة، وقوم محمد شرذمة قليلون، عُزَّل لا سلاح معهم إلا قليل"، وأقبل عيينة بن حصن في أربعة آلاف من غطفان مدداً ليهود .. فماذا كان ؟
بعث الله على غطفان الرعب، فإنهم لما كانوا ببعض الطريق سمعوا من خلفهم حساً ولغطاً فظنوا أن المسلمين أغاروا على أهاليهم وأموالهم فرجعوا وخلوا بين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبين خيبر،فلمَّا أُخبر كنانة بن أبي الحقيق وهو في حصن الكتيبة بانصرافهم، أسقط في يديه، وأيقن بالهلكة، وقال : " كنَّا من هؤلاء الأعراب في باطل، إنَّا سرنا فيهم فوعدونا النصر وغرّونا، ولعمري لولا ما وعدونا من نصرهم ما نابذنا محمداً بالحرب " .
وهكذا استطاع ألف وأربعمائة من المؤمنين أن يقهروا أكثر من عشرة آلاف يهودي في قمة استعدادهم وتسلحهم وتحصنهم وفي عقر دارهم.. ولم يتحرك المنافقون – بطبيعة الحال- لنصرة إخوانهم اليهود !!.
بل إن اليهود أنفسهم خانوا بعضهم بعضاً كما أوضحنا ذلك في نقطة سابقة شرحنا فيها كيف قام ذلك اليهودي بكشف جميع أسرار اليهود من تحركاتهم ونقاط ضعفهم ومخزونهم من السلاح والعتاد ، كل ذلك في مقابل الحصول على الأمان له ولزوجه .
لهذا فليس غريباً أن تزلزل ضربات مجاهدي كتائب القسام دولة الكيان الصهيوني على قلة عددهم وعتادهم كما لم يكن غريباً أن ترغم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أمريكا وربيبتها دولة العدو على الرضوخ والتنازل عن جميع مطالبهم ومن ثم الإفراج عن د.موسى أبو مرزوق ..وهم صاغرون، وأن يفشل الله مؤامراتهم وينجي خالد مشعل ويخرج الشيخ أحمد ياسين من بين براثنهم . كما أن المقاومة اللبنانية في الجنوب اللبناني استطاعت أن تطور من نفسها وتعزز من إمكاناتها حتى أجبرت جيش العدو وأعوانه من العملاء على التقهقر والانسحاب مجرجرين أذيال الخزي والخيبة والمذلة .