قتال اليهود يجلب النصر على باقي الأعداء:
كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لما أقبل إلى خيبر بعث محيصة بن مسعود إلى يهود فدك ليدعوهم إلى الإسلام فأبطأوا عليه ، فلما فتح الله خيبر قذف الرعب في قلوبهم فبعثوا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصالحونه على النصف من فدك بمثل ما صالح عليه أهل خيبر فقبل ذلك منهم . فكانت فدك لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – خالصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولاركاب . وبعد انتهائه من خيبر توجه نحو وادي القرى فاستسلمت بعد أن قتل منهم أحد عشر رجلاً وأخذها عنوة فقسمها على أصحابه وعامل أهلها على الأرض والنخل كما عامل أهل خيبر..
ولما بلغ يهود تيماء خبر استسلام أهل خيبر ثم فدك ووادي القرى.. لم يبدوا أي مقاومة، بل بعثوا من تلقاء أنفسهم يعرضون الصلح فقبل ذلك منهم وصالحهم على الجزية . فكان النصر في خيبر سبباً مباشراً في النصر على باقي اليهود في الجزيرة ..
ومع أن جهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كان موجهاً بدرجة أولى لفتح مكة وتحرير المسجد الحرام من أيدي المشركين، إلا أن ذلك لم يتسن لهم حتى تم لهم تأمين ظهورهم بالقضاء على اليهود في خيبر ..فكان فتح مكة وما تلاه من انتصارات أحد ثمرات غزوة خيبر ..ذلك أن انتصار النبي – صلى الله عليه وسلم –في خيبر حطم نفسية ومعنويات مشركي مكة بسقوط حليف قوي لهم خاصة وأن النبي– صلى الله عليه وسلم – أغار على غطفان في عقر دارها مباشرة بعد خيبر (سرية بشير بن سعد) وأصاب منهم،الأمر الذي جعل عمرو بن العاص وخالد بن الوليد – رضي الله عنهما – ينضمان إلى معسكر المسلمين مع قادة آخرين من معسكر العدو الكافر ويعلنون إسلامهم . وفي المقابل فقد رفع ذلك النصر من معنويات المسلمين و أشعرهم بالغبطة والسرور، وقد عبّر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قدم عليه جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه – هو ومهاجري الحبشة بقوله : " ما أدري بأيهما أنا أسرُّ ؟ بفتح خيبر..أم بقدوم جعفر،!!" فلم يُخْفِ في هذا الموقف سروره بفتح خيبر ..
كما أن القضاء على يهود خيبر كَسَر من شوكة المنافقين وأضعف كيانهم، فما ارتفع لهم صوت بعد ذلك واستراح المسلمون من شرورهم ومؤامراتهم .
ولاشك أن عجز الأمة الإسلامية اليوم عن نصرة أبنائها في البوسنة والشيشان وسائر بقاع الأرض مردُّه إلى عجزها وتقاعسها عن استرداد قبلتها الأولى وهزيمتها أمام الذين ضربت عليهم الذِّلة والمسكنة، ولن تستطيع النهوض لنصرة أي قضية إسلامية حتى يتسنى لها القضاء على السرطان المزروع في قلبها النابض "فلسطين" .